الشريف مثنى آل غالب ولسوف يعطيك ربك فترضى
التفكير الايجابي هوالطريق إلى الايجابية
* معنى التفكير الايجابى
إن الانتقال من الذاتية إلى الايجابية لا تتم إلا بعبور ( التفكير الايجابى ) ، فالعقل يرسل رسائل ايجابية أو سلبية ، وبالتالى تتلون الحركة وفق هذه الرسائل ، إما تفاؤل وأمل وحركة ، أو تشاؤم ويأس وقعود .
ولذلك علينا أن نقول : إذا كانت أغلب أفكارنا إيجابية فمعنى ذلك أننا نسير عبر ممر يسمى التفاؤل ، ليصل بنا سالمين وبأمان إلى الايجابية .
فكل سلوك يبدأ بفكرة ، فإن كانت الفكرة إيجابية نتج عنها سلوك ايجابى ، فرغم تمكن البعض من عمله أو مهمته ، إلا إذا استولت عليه أفكار سلبية مثل : صعوبة العمل ، أو شدة المهمة ، فإنه بلا شك قد كتب على نفسه بنفسه التعثر ، وأياً كانت التفسيرات النفسية - التى تعزى هذا الأمر إلى الرسائل التى نصلها إليه , وبالتالى يرسل إشاراته إلى العقل الواعى بالسلوك ، ومن ثم يمتلك الإنسان الطاقة والمقدرة لفعل ما قد حدّث به نفسه - فسيبقى شىء اسمه : ( التفكير الايجابى ) ، وهو الذى يمنحنا السلوك السليم ، وهذا يحتاج دائمًا إلى تحويل أى تفكير سلبى إلى ايجابى فورًا ، خاصة عند البدء بالعمل ، حيث يحشد الفرد كل ما لديه من عبارات وجمل وصور , تدفعه نحو التميز والعطاء والعمل .
* الطريق إلى التفكير الايجابى
وعلى هذا فالتفكير الايجابى مهارة يمكن تعلمها وإتقانها واحترافها ، لأنها ليست فطرية تولد مع الفرد ، أو تورث إلى الإنسان ، فكلما وجد التفكير الايجابى كان الطريق إلى النجاح أسرع ، فى حياة كل منا ، حيث إنها لا ترتبط بمؤهل أو تحصيل علمى أو شهادة أو مركز .
وإنما الطريق إلى حوز التفكير الايجابى باتباع هذه الخطوات :
1 - اكتشف تميزك وموهبتك ، وفتش فى نفسك عن كل مقدرة ، وحاول إخراجها والاستفادة بها ، وكل فرد له تميزه الذى يعرفه ويختلف عن غيره ، فالمطلوب منه فقط ألا يملّ ولا ييأس .
2ـ كل يوم يأتى عليك ، بل كل لحظة تمر بك ، هى حياة جديدة فاستزد منها بكل جديد ، فالجديد يحاصرنا ولا نعيره اهتمامًا ، وهذا هو ديدن االنبى صلى الله عليه وسلم , فى قوله تعالى : [ قل رب زدنى علمًا ] ، وكان من قوله صلى الله عليه وسلم الدائم : [ واجعل الحياة زيادة لى من كل خير ] ، والاستزادة والتحسين والإضافة لا ترتبط بعمر أو حال أو ظروف .
3ـ وسّع دائرة تفكيرك ، لا ترضى أبدًا بواقعك المالى بل حسّن الدخل ، أو بواقعك الثقافى فاجعله نقطة انطلاق وليس سقفًا لمنهجك العلمى ، أو بواقعك العملى بل طوّر من شخصيتك ومارس هواياتك وجدد فى أنشطتك وواكب آخر المستجدات النافعة .
4ـ حلّ كل مشاكلك أولاً بأول ، وابدأ بنسفها وهى صغيرة قبل أن تتفاقم ، وبذلك تضمن أن يكون دائمًا تفكيرك جاهزًا للعمل ، فالمشاكل والهموم تجعله يقف فى محله لا يتحرك .
5ـ تعلّق بهدف أسمى فى حياتك اليومية , وهو العبودية لله تعالى ، فتواجه هموم اليوم بثقة عالية وايمان عميق ومحاسبة دائمة ، ومراجعة ونقد ذاتى ، من أجل أن تحقق الهدف الأسمى لحياتك .
6ـ كن مرتبطًا بالواقع ، ولا تجعل التفكير يسرح فى أحلام فقط ، ويحلق فى خيالات فيصطدم بالواقع ، بل حوّل الأحلام إلى أهداف , ثم اجعل الأهداف برامج فى يومك مرنة وواقعية .
7ـ اجعل رائدك اليومى هذه الآية الكريمة :{ فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا } النساء : 19 ، فإنها البلسم الذى يذكرك بنعم الله التى لا تحصى عليك ، فلماذا نُضيّق واسعًا ، ونركز على ضعف فى نعمة أو أكثر ، وقد يكون كل الخير فيها ومنها ، وهذه النظرة هى بداية التفكير الايجابى .
8ـ ابدأ ولا تتردد ، فكن دائمًا فى حالة مزاجية ايجابية تنقلها إلى الآخرين ، وانظر إلى الجانب المشرق فى تصرفات الغير وأحداث اليوم ، وهذا لا يعنى أنك قد بددت كل المآسى أو الآلام ، وإنما بهذا التفكير تواجه وتقلل وتستثمر وتتغلب وتتكيف ، وهذا فى نهاية يومك هو عيش السعداء ، حيث لا استسلام للتشاؤم أو الحزن أو اليأس .
* من أين تأتينا السلبية ؟
( إن حياتنا من صنع أفكارنا ) أصبحت هذه العبارة الشهيرة على ألسنة كل التربويين ، فالايجابيون فى تفكيرهم يرددونها ، والسلبيون كذلك يرددونها ، وشتان بين المعنى المصاحب لكل فريق ، وبالفعل فقد أكدت بعض الدراسات أن الإنسان حتى بلوغه ثمانية عشر عامًا يكون قد تلقى 148 ألف مرة كلمة ( لا تفعل ) ، فى حين يكون قد تلقى 400 رسالة ايجابية ( افعل ) ، وفى دراسة أخرى عن ( التحدث مع الذات ) تبين أن أكثر من 80 % مما نحدث به أنفسنا هو سلبى وضد مصلحتنا .
وفى دراسة آخرى : الإنسان فى سن سبع سنوات تكتمل عنده نسبة 90% مما تلقاه من تربيته والممثلة فى الاعتقاد والقيم ، حتى يبلغ سن 21 عامًا يكون قد اكتملت تربيته وتشكلت لديه خريطة واضحة عن نفسه وعقله .
ما معنى هذه الدراسات ؟
الأول : معناها أن الكثير منا ضحايا لهذه العبارات : ( لا أستطيع ) ، ( لا أقدر ) ، ( لا أتمكن ) ( أرجو إعفائى ) ، ( لن أنحج ) .
ومن استطاع النجاة فإنه يستخدم كلمة ( ولكن ) مثل : ( سأقدر ولكننى خائف ) ( أستطيع ولكن عندى ظروف ) ، وهذا يمكن أن ينجح , إذا وجد من يعاونه , أو بيئة تدفعه .
الثانى : معناها أن القليل وهم الايجابيون تجدهم : مبادرين لا يترددون ، مغامرين لا يخافون ، ولذلك فإنهم لا يخسرون ، فإن تعثروا لا يتوقفون , بل يحاولون ، فالتعثر محاولة جديدة , وتجربة جديدة , وخبرة جديدة ، ولذلك فشعارهم ( أكون أو أكون ) ، وليس كما يتردد لدى البعض : ( أكون أو لا أكون ) .
* سر نجاح الايجابين
ولذلك فالسر لنجاح هؤلاء الايجابين ، هو رسالتهم الواضحة فى الحياة ، حينما ربطوها مع الله تعالى ، فاستمدوا من القوى تعالى قوة وطاقة ، ومن الغنى تعالى استعلاءً وتقدمًا ، ومن القادر تعالى مبادرةً وقدرةً ، ومن هذا المعين انطلقوا مع زمرة الايجابيين فازادادوا قوة إلى قوتهم ، يقول تعالى : { والذين اهتدوا زادهم هدى } محمد : 17 ، فمارسالتك أنت فى الحياة ؟ ومن ثم انطلقوا إلى المعالى ، فهم الأعلون ، لا يرضى أحدهم بأقل من القمة ، فهل تتذكر شيئًا فى حياتك لا ترضى بأقل منه بعد الآن ؟
يقول النبى صلى الله عليه وسلم : [ ومن يستعفف يعفه الله , ومن يستغنى يغنه الله , ومن يتصبر يصبّره الله ] متفق عليه .
ولذلك تسلحوا بالهدوء والحكمة وقطع المراحل دون استعجال أو إبطاء ، بل بمرونة وتغيير دائم إلى الأفضل ، فهل أنت كذلك ، اذكر فى نفسك شيئًا من ذلك ؟ .
ومن الآن إعلن بقوة عن تخلصك من كل الأفكار السلبية التى تداهم عالمك ، بالرضا الجميل بقدر الله وحكمه ، ثم بنقل أفكارك الايجابية إلى واقع ملموس .
ابدأ صباحك بعد ذكر الله بابتسامة , تجعل يومك كله حيوية وتفاؤل ، وتبث فى نفسك الهدوء والانسجام الرائع ، فبهذا تكون قد تمكنت من التفكير الايجابى الذى هو منهج لحياتك اليومية الجميلة ، ومن الآن ابدأ فى تغيير طريقة تفكيرك تتغير حياتك ، معلناً التوكل على الله , بعد هذه الاستعدادات , فالتوكل على الله قمة الايجابية , والتواكل قمة السلبية ، يقول النبى صلى الله عليه وسلم : [ لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله , لرزقكم كما يرزق الطير , تغدو خماصًا وتروح بطانًا ] رواه أحمد وصححه الألبانى .
* التربية على التفكير الايجابى
هل يمكن أن يتربى الفرد على التفكير الايجابى ؟
هل يمكن أن تحقق التربية نتائج مؤثرة ؟
هلى يكون الشخص الايجابى فاعلاً ومؤثرًا فى مجتمعه ؟
وفق ما تبين لنا من معنى التفكير الايجابى وسر نجاح الايجابيين ، نقترب من الإجابة على هذه الأسئلة بكلمة ( نعم ) ، ولذلك فقد جنح البعض أن يطلق اسم ( هواية التفكير الايجابى ) ، والبعض الآخر يسأل : ( كيف نمتلك مهارات التفكير الايجابى ) ، بل إن بعض الاجتهادات المشكورة وضعت برنامجًا عمليًا ، فى خطوات محددة ، لا متلاك عادة التفكير الايجابى ، وكل هذه الجهود قد تكون دافعة ومحفزة ، إذا توفرت لدى الفرد الإرادة والعزيمة والإصرار ، وهذا فى مجموعه هو معنى التربية ، لأن التحقق بالمهارة هو تكوين وجهد ورعاية وتنفيذ وتعهد ، حيث يصنع كل واحد حياته بما رسمه فى خياله ، وهذا يحتاج إلى تدريب عملى وتجارب مكتسبة .
وعلى هذا وضع الخبراء برنامجًا تربويًا لامتلاك مهارات التفكير الايجابى نلحضه فى التالى :
1ـ كن متفاءلاً لمدة 24 ساعة : بأن تملأ رأسك بالأمل حول عملك وأسرتك وصحتك وأموالك ومستقبلك ، وكرر ذلك لمدة أسبوع ، وانتظر تغيرًا وتقدمًا .
2ـ كن على معنويات عالية : بمطالعة كتب أو مقالات أو برامج ترفع من روحك المعنوية ، واقرأ سير الناجحين فى الحياة .
3ـ صاحب أناس ايجابيين : وزج بنفسك بينهم واخرج معهم واجلس إليهم وداوم على ذلك وتمتع بهم .
4ـ لا تنخرط فيما لا داعى له : مثل المجالات العقيمة والقضايا السلبية والأوضاع الصعبة والصراعات السقيمة .
5ـ استمرعلى عباداتك : من المواظبة على الصلاة والدعاء والتأمل وشكر الله على نعمه , والإيمان بالقدر خيره وشره .
6ـ درّب نفسك على العمل : لمدة 40 يومًا على الأقل ، لا تنقطع على التمرين العملى فى التخلق بهذه الأخلاقيات الايجابية :
ـ تصفح عمن اعتذر .
ـ تصل من قطعك .
ـ تلتزم فى بيئة غير مناسبة .
ـ تتصدق أثناء أزمتك .
ـ تحقق إنجازاً فى بيئة سيئة .
ـ تثبت أمام لهو وعبث الآخرين